يكمن سر نجاح وارن بافيت، المستثمر الأكثر نجاحا في كل العصور باتباعه استراتيجية الاستثمار بأسهم القيمة، و اعادة استثمار توزيعات الأرباح.
بهذا المقال سنتعمق أكثر في نصائح وارن بافيت و أسباب نجاحه، و تكوينة محفظته و كيفية الاستثمار مثله.
يعد بافيت هو أفضل مثال على مدى أهمية الوقت لبناء الثروة، حيث يعد الربح المركب من أهم أسباب التضاعف الهائل لثروة وارن بافيت. بفضل الربح المركب تتضاعف الأموال بشكل أسرع و أسرع. و ذلك لأن نمو الأرباح لا يقتصر فقط على المبلغ المالي الذي قام بافيت باستثماره، لكن على جميع الأرباح المتراكمة، لأن الأرباح تكسب أرباح ايضا. لتضح لك الصورة أفضل، تأمل الرسم البياني التالي:
يوضح الرسم البياني السابق، التأثير الهائل للربح المركب، حيث أن رأس المال المستثمر البالغ 1.000$، بنسبة ربح 8% سنويا، أصبح يعادل 46.901$ بعد خمسين عاما، أي أنه تضاعف قرابة 47 ضعف.
ملاحظة: نسبة 8% أرباح سنويا، مستوحاه من متوسط نسبة أرباح سوق الأسهم العالمي، بالعقود الماضية بشكل تقريبي.
قصة حياة وارن بافيت
ولد المستثمر الأشهر في 30 أغسطس 1930 في أوماها الأمريكية، ترتيبه الثاني من بين ثلاثة أطفال. أظهر وارن بافيت شغفه للأرقام و الأعمال الواعدة في وقت مبكر.
بداية وارن بافيت
عندما كان طفلا، كان بافيت يفكر في الأعمال التجارية، كان على سبيل المثال يشتري زجاجات الكوكاكولا بالجملة في سن السادسة من أجل بيع هذه الزجاجات بالتجزئة على عتبة بيته بسعر أعلى، مع هذه الاستراتيجية سجل دخله الأول من خلال إجراء تجاري بسيط.
في وقت لاحق اشترى بالاشتراك مع أصدقائه العديد من ماكينات المقامرة، و قام بعد ذلك بتأجيرها للحانات والمتاجر.
لقد استطاع بافيت قبل بلوغه ال 18 عاما جمع مال كافي لشراء قطعة أرض، هذا ما فعله لاحقا.
وارن بافيت و الاستثمار بالأسهم
كان والد بافيت يمتلك متجر بقالة خاص به و كان أيضا يتاجر بالأسهم.
في سن الحادية عشرة اشترى وارن بافيت سهمه الأول.
خلال دراسته واصل اهتمامه بالأسهم و الاقتصاد و درس عند بنيامين جراهام، الذي يعتبر الأب الروحي لتحليل الأوراق المالية الأساسية، و الذي يعتبر ايضا مؤسس استثمار القيمة، في ثلاثينيات القرن العشرين.
تعد استراتيجية الاستثمار بأسهم القيمة، أساس نجاح وارن بافيت، الذي تخرج من كلية كولومبيا للأعمال في عام 1951 كأفضل طالب لبنيامين جراهام بدرجة الماجستير في الاقتصاد. في عام 1962 بدأ بافيت في تنفيذ استراتيجية القيمة كنموذج عمل، فأصبح يشتري أسهم الشركات (القيمة) التي تعاني من ضائقة، بما في ذلك شركة النسيج آنذاك بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway)، و التي حولها لاحقا إلى شركة استثمارية. يعد سهم بيركشاير هاثاواي اليوم من الأسهم الأفضل في العالم.
وارن بافيت هو أنجح المستثمرين بلا منازع
لكن كيف يمكن تفسير نجاحه هذا على مدى عقود؟
استراتيجية وارن بافيت، هي بالأساس بسيطة للغاية و يمكن تقليدها من حيث المبدأ من قبل أي مستثمر. تعتمد استراتيجيته التي اعتمدها على مر السنين على مبادئ استثمارية واضحة. تحت قيادته أصبحت شركته الاستثمارية بيركشاير هاثاواي من أكثر الشركات نجاحا بالعالم، أساس نجاحها هو ما يسمى استراتيجية استثمار القيمة، و التي تتميز بالاستثمار الموجه نحو القيمة.
على الرغم من أن وارن بافيت يستثمر أمواله بشكل أساسي في الأسهم، إلا أن الاستثمار الموجه نحو القيمة منطقي لأي نوع من الاستثمار. فيما يلي 5 أسس استثمارية يعتمد عليها المستثمر الأشهر:
1. الجودة بدلا من الكمية:
التركيز على عدد قليل من الشركات الواعدة. تركز استراتيجية وارن بافيت الاستثمارية على عدد قليل من الأسهم الواعدة على المدى الطويل، فهو يوصي المستثمرين بالتركيز على عدد قليل من الشركات الممتازة التي يتوقعون منها نجاحا طويل الأجل. يجب ان تتمتع هذه الشركات الممتازة بميزة فريدة و تنافسية دائمة، مما يجعل من الصعب للغاية ازاحتها من مكانها من قبل الشركات المنافسة.
مثال على ذلك شركة كوكاكولا، التي ترتبط بالمناسبات السعيدة بأذهان الناس.
نصيحتي: ركز استثمارك على عدد قليل، لا يزيد عن ٦٠ شركة واعدة. يجب أن تكون مقتنعا جدا باستثمارك لدرجة أنك تريد الاحتفاظ بهذه الأسهم إلى الأبد.
2. كن دقيقا عند الاختيار
مثل وارن بافيت قم دائما بأبحاثك حول الشركة التي تريد الاستثمار بها. السبب انه عندما يشتري المستثمر الناجح حصة من شركة فإنه يحتفظ بها لأطول فترة ممكنة.
بالنسبة له فإن الاستثمار في سوق الأوراق المالية هو أكثر من مجرد شراء سهم، بل أن تملك حصة في الشركة.
بالنسبة لبافيت إن الحقائق المجردة حاسمة دائما. يجب التحقق إلى أي مدى تمتلك الشركة نموذج عمل تنافسي و منتجات فريدة. هل ستتواجد الشركة في السوق على المدى الطويل و هل تستطيع العمل بشكل مستقل بالمستقبل؟ هل لإدارة الشركة خبرة كافية؟ و من المهم إلقاء نظرة متعمقة على التقارير السنوية.
3. استثمر فقط في المنتجات التي تفهمها تماما
يستثمر وارن بافيت فقط في الشركات التي يفهم نموذج أعمالها ومنتجاتها تماما. لهذا السبب، لم يستثمر وارن بافيت مثلا في Bitcoin، لأنه لم يفهم نموذج عملها تماما.
نصيحتي: أنظر دائما بعين الشك. هل تعرف منتجات الشركة التي ترغب بالاستثمار بها؟ ما هي الفرص المتاحة للشركة في المستقبل؟ هل تفهم استراتيجية الشركة؟ فقط عندما تتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة، ستعرف فرص و مخاطر استثمارك، بالتالي تستطيع أن تحقق عوائد مجزية على المدى الطويل.
4. احرص على التنوع في محفظتك
بالإضافة إلى الاختيار الصحيح للأسهم الفردية، فإن تكوين المحفظة أمر بالغ الأهمية للنجاح. يتبع وارن بافيت استراتيجية استثمار مركز على عدد قليل من الشركات البارزة.
نظريا فإن أفضل طريقة لاستثمار أموالك هو الاستثمار على نطاق واسع. وارن بافيت ينوع و لكن بشكل مركز. ففي محفظته يجمع الأسهم الفردية المختارة، التي تكمل بعضها البعض لتشكيل باقة ملونة من الأوراق المالية.
ليس حجم باقة الأسهم هو الحاسم، و لكن التكوين المناسب.
نصيحتي: يعتبر توزيع و تنويع الاستثمارات، الحل الأمثل لتقليل المخاطر. لكن عند التنويع، تأكد من أن استثماراتك تكمل بعضها البعض، أي منوعة من حيث القطاعات و الدول، و بالتالي قم بتجميع باقة أسهم متناسقة.
5. اختر الوقت المناسب و كن صبورا
بالإضافة إلى عدد و جودة الأسهم التي تستثمر فيها، يلعب توقيت استثمارك أيضا دورا مهما. يضع وارن بافيت دائما هامش أمان في عين الاعتبار، و هو عنصر أساسي مهم في استثمار القيمة الذي صاغه بنيامين جراهام. هامش الأمان في الاستثمار بالأسهم يعني الفرق بين سعر سهم الشركة و القيمة الجوهرية للسهم.
هذا يعني أن المستثمر الأشهر يستثمر بشكل خاص في الشركات التي يكون سعرها أقل مما تستحق.
نصيحتي: إذا كنت ترغب في السير على خطى وارن بافيت، فيجب عليك السباحة ضد التيار من وقت لآخر: لا تشتري سهما فقط عندما يشتري الجميع هذا السهم، بل قم بشراء الأسهم التي تقتنع بجودتها عندما يكون سعر السهم قد وصل إلى القاع. بهذه الطريقة يمكنك غالبا الشراء بهامش أمان كاف و تحقيق عوائد طويلة الأجل.
سر نجاح وارن بافيت
يكمن سر نجاحه من ناحية في شراء الأسهم المعرضة لمخاطر قليلة، ومن ناحية أخرى في اختيار الأسهم ذات الإمكانية المرتفعة للصعود.
قام المستثمر الأمريكي النجم بتلخيص استراتيجيته على النحو التالي: “الأسهم بسيطة. أنت فقط تشتري أسهم شركة رائعة تتمتع بأعلى مستوى من النزاهة، و إدارة قديرة بأقل من قيمتها الجوهرية. ثم تحتفظ بهذه الأسهم إلى الأبد”
مؤشر وارن بافيت
يشتهر وارن بافيت بتفسير التطورات في الأسواق بشكل صحيح. بالاعتماد على ما يسمى ب “مؤشر بافيت”.
يساعد مؤشر بافيت المستثمرين على معرفة ما إذا كان تقييم أسواق الأسهم أقل من قيمته، أو مبالغ فيه في وقت معين.
الحساب بسيط للغاية:
يربط وارن بافيت القيمة السوقية الإجمالية لسوق الأوراق المالية بالأداء الاقتصادي للبلد المعني. على سبيل المثال بالنسبة لقيمة سوق الأسهم في الولايات المتحدة يمكن الأخذ بمؤشر الأسهم الأمريكي الشامل ويلشاير 5000، و على الجانب الآخر الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية. إذا كانت النتيجة أعلى من 100%، فإن سوق الأسهم مبالغ فيه من وجهة نظر مؤشر بافيت، أما إذا كانت أقل من 100% فإن قيمته أقل من القيمة الجوهرية.
كيفية تطبيق نصائح وارن بافيت الاستثمارية في الممارسة العملية؟
إذا اتبعت القواعد الأساسية الخمس لاستراتيجية وارن بافيت الاستثمارية، فستضع استثمارك على أساس مدروس بشكل جيد.
يعتمد مدى التزامك بقواعد المستثمر النجم على عوامل أخرى مثل الأهداف الشخصية، و مقدار تحملك للمخاطر.
في الأساس يمكنك وضع نصائح وارن بافيت الاستثمارية موضع التنفيذ بطريقتين مختلفتين، إما أن تستثمر مباشرة في شركة وارن بافيت الاستثمارية بيركشاير هاثاواي، لكن يجب أن تأخد بعين الاعتبار أن هذه الشركة تستثمر في منتجات ربوية.
يمكنك أيضا أن تستثمر على أساس إستراتيجية استثمار القيمة و استراتيجية توزيعات الأرباح على غرار بافيت.
كيف تستثمر مثل وارن بافيت إذا كنت لا ترغب في الاستثمار مباشرة في إمبراطورية نجاحه، و لكنك ترغب في الاستفادة من خبرته؟
يمكنك تطبيق قواعد الاستثمار الأساسية لوارن بافيت في الممارسة العملية و الاستثمار في الأسهم التي تحاكي استراتيجية بافيت. يمكنك أيضا شراء الأسهم التي يستثمر فيها وارن بافيت تتمثل إحدى طرق السير على خطى المستثمر النجم، بشراء الأسهم التي يستثمر بها بافيت ثروته. فيما يلي بعض المفضلات الدائمة في مستودع بافيت بعد فحص سريع.
اكبر المراكز في محفظة بافيت على الرغم من أن المستثمر النجم يشكك إلى حد ما في أسهم التكنولوجيا، إلا أن خبير سوق الأسهم مساهما في شركة أبل Apple منذ الربع الأول من عام 2016. و في الربع الأول من عام 2018، زادت بيركشاير هاثاواي مرة أخرى حصتها في Apple بشكل كبير. في المجموع، يمتلك بافيت 250 مليون سهم في عملاق التكنولوجيا أبل، هذا غالبا ما سيبقى على المدى الطويل. ذات مرة قال وارن بافيت “أنا بالتأكيد من محبي Apple. نحن نشتري الأسهم للاحتفاظ بها”.
كما تمتلك شركته ما يقرب من 19 مليون سهم في الشركة المصنعة للبذور النباتية Monsanto، التي تتخصص في التكنولوجيا الحيوية. يعد هذا المركز في المحفظة مثالا جيدا بشكل خاص على إحساس بافيت بالتوقيت. فقد انضم إلى مونسانتو قبل وقت قصير من عرض الاستحواذ من قبل شركة Bayer في عام 2016.
يستثمر بافيت أيضا منذ زمن طويل في شركة كوكا كولا، المنتجة للسلع الاستهلاكية الأكثر شعبية في العالم. يمتلك بافيت ما يقارب 400 مليون سهم في الشركة المصنعة للمشروبات الغازية.
نصيحتي: قم بشراء الأسهم التي يستثمر فيها وارن بافيت فقط إذا كنت مقتنعا بهذه الشركات. حاول أن تفهم بافيت بشكل أفضل من خلال مشترياته من الأسهم.
قد يهمك ايضا: كيف اشتري اسهم – ما الذي يجب عليك معرفته لتبداء الاستثمار بالأسهم؟
